الاستثمار في الأغذية الحلال سيصل 10% في السنوات القادمة
النجيمي: اعتماد الأغذية الحلال يمثل المنهج الشرعي الصحيح
لأن نحو 1.8 مليار إنسان في العالم يعيشون على الغذاء الحلال الذي بلغت مبيعاته في الوقت الراهن 2.5 تريليون ريال، لأن المملكة العربية السعودية هي قبلة المسلمين ومصدر اطمئنان نقاء الشريعة من الحرام والشبهات فيما يستهلكه الناس من غذاء، فقد وجهت القيادة السعودية بتنظيم المؤتمر العالمي الأول للرقابة على الغذاء الحلال بهدف التعريف بالمفهوم الشرعي للأغذية الحلال ومنافعها من منظور علمي، والجوانب الاقتصادية لتجارة هذه الأغذية. لذا فتحت جريدة الجزيرة هذا الملف مبكرا لتسليط الضوء على هذه القضية.
وأوضح فضيلة الشيخ الاستاذ الدكتور محمد يحي النجيمي عضو مجمع فتاوى الشريعة، أن مصطلح الأغذية الحلال في الغالب تخص لحوم بهيمة الأنعام المذبوحة على الطريقة الإسلامية، وكذلك الأغذية التي تأكد حلوها من لحوم أو شحوم الخنزير أو المحرم شرعاً.
وأضاف النجيمي أن تناول الحيوانات المذبوحة بطريقة غير شرعية وكذلك المحرمة شرعاً لها آثار صحية سيئة، فهي تسبب الأمراض الصعبة والمستعصية، على عكس من ذلك فإن الأغذية الحلال منافعها لا تحصى من جميع النواحي وخاصة الناحية الصحية، لذا فإن اعتماد الأغذية الحلال يمثل المنهج الشرعي الصحيح.
وعن أهمية استهلاك الأغذية الحلال، قال النجيمي: «لا بد أن يبحر المسلم عامة والمواطن خاصة في عالم الأغذية الحلال حتى لا يخدع، وبالرغم من حرص المملكة على المواد الغذائية الصادرة لها من الخارج إلا أن هناك بعض الأغذية غير الحلال تدخل وهي قلة، لذلك يجب أن يكون المواطن ذا ثقافة ووعي كافٍ حتى يستطيع أن يفرق بين ما هو حلال وما هو خلاف ذلك»، مؤكداً أهمية عقد الندوات المؤتمرات التي تمنح المواطن مثل هذه الثقافة التي تبصره وتدعمه في الداخل والخارج، لأن كثيرًا من أبنائنا يذهبون إلى الخارج للدراسة أو للسياحة أو للعلاج، لذا لا بد أن تكون لديهم هذه الثقافة الغذائية الجيدة.
وأبان النجيمي أن هناك اهتمامًا كبيرًا من الدول الأوروبية حول استيراد الأغذية الحلال وذلك لوجود جاليات إسلامية كبيرة بها أو مستوطنين يعتنقون الإسلام، وكذلك وجود الآلاف من الطلاب الذين جاؤوا للعلاج، فاهتمامهم بالأغذية الحلال من منطلق مصلحة اقتصادية صرفة.
وأكد النجيمي أهمية الأغذية الحلال كونها الطريقة الشرعية لحفظ الإنسان من الإصابة بالأمراض الخطيرة مثل السرطان أو الإصابة بالديدان والبكتريا القاتلة والأمراض المعوية المميتة.
وحذّر النجيمي المغتربين المسلمين في البلاد التي تدين بالوثنية مثل الصين واليابان من عدم تناول الأغذية وخاصة اللحوم التي ذبحت في بلادهم وعلى طريقتهم، وأن يكونوا أكثر دقة في تناولها والتأكد من أنها أغذية حلال. وأضاف «أما الدول الأوروبية وأمريكا وأستراليا فغالباً هذه الدول هم من أهل الكتاب وقد أحل للمسلم طعام أهل الكتاب، وليس عليه أن يسأل عن طريقة الذبح إلا إذا ذكر أمامه أنها ذبحت بطريقة الخنق أو ما شابه ذلك، فالسعى وراء ما هو حلال هو الأجدى والأنفع».
إلى ذلك، ذكر الخبير والمستشار الاقتصادي الدكتور علي الدقاق، أن حجم الاغذية الحلال في نمو سريع، وإذا ما قُرن بحجم الاستثمار العالمي في سوق الأغذية، فإننا نجد أن النسبة تصل إلى 5% من إنتاج الأغذية، وكذلك فإن نسبة النمو في الانتاج الحلال تصل إلى 5% أي أنها ستصل خلال العشر السنوات القادمة إلى 10% من النسبة العالمية لإنتاج الأغذية الحلال، مضيفا أن نسبة المملكة من ذلك تصل إلى 2/1% من النسبة العالمية.
وعن آلية تطوير سوق الأغذية الحلال في المملكة خاصة والعالم عامه، قال الدقاق: إن النظام في المملكة نظام حلال يعتمد على العقيدة، وادارة اللحوم والأغذية تعتمد على الشرع بعكس النظام في دول العالم الخارجي والتي تعتمد على عدة جوانب أهمها الجانب الصحي.
وأكد الدقاق أن لدعم نظام الأغذية الحلال وخاصة فيما يتعلق بالذبح، فلا بد من شرح فوائد الذبح بالطريقة الإسلامية الحلال الشرعية، وكذلك ترسيخ المفهوم الصحي وراء الذبح الحلال تجنباً للكثير من الأمراض خاصة المتعلقة منها بالدم.
وأضاف «لا بد أن نرسخ أيضاً ضمن الذبح الحلال التغذية الحلال، فالأمراض التي ظهرت في الآونة الأخيرة مثل جنون البقر أو إنفلونزا الطيور جاءت نتيجة مخالفة الطبيعة في تغذية الحيوانات، وعلى سبيل المثال ما حدث للأبقار والتي كانوا يطعمونها ضمن مكونات غذائها مخلفات لحوم حيوانية مما أدى إلى إصابتها بجنون البقر».
وأوضح الدقاق أن الأطعمة الحلال ليست فقط في الذبح بل كذلك في التغذية بالأصول الشرعية بما أوجده الله في الطبيعة، فلا بد أن تكون هناك دعوة لتوضيح ما هي الحكمة الإسلامية من الذبح الحلال والمعالجة والمعاملة للحوم، وكذلك الترويج لها صحياً، فقد توصل الغرب الى حقيقة أن الذبح أفضل من الخنق أو عملية الضرب بالرصاص أو الصعق الكهربائي للبهائم، فهذه الأمور لابد لها من الاقتناع.
وذكر الدقاق أن صحية الأغذية الحلال اكسب الدول الإسلامية عامة والمملكة خاصة الثقة بمنتجاتها، فصادرات المملكة حتى من المنتجات التي لا دخل لها باللحوم مثل البسكوت والتمور والمعمول فهي ذات سمعة جيدة وطلب عالمي لثقة المستهلك بتلك الدول الإسلامية وسلامة منتجاتها وأنها حلال بما لا يدع مجالاً للشك، مما يؤدي إلى زيادة الطلب على منتجات تلك الدول. وأشار الدقاق إلى أن هناك بعض الشركات تقوم بالتنبيه على منتجاتها أنها حلال وذلك بغرض الترويج والتسويق لها وأنها أعدت بطريقة حلال، فبنك التنمية الاسلامي يصدر لحوم الأضاحي من عرفة ومنى ويكتب عليها أنها مذبوحة بالحلال أي بحسب الشريعة الإسلامية بالرغم من أنها تذهب كنوع من المساعدات الإنسانية للدول الفقيرة. ونوّه الدقاق على أن ما يكتب عليه ذبح بالطريقة الشرعية «الحلال» وهو منتج في دول غير إسلامية مثل أفريقيا أو أستراليا أو أمريكا، فإن هناك لجاناً من دول إسلامية تضم مسلمين يتم تكليفهم من قبل الشركات المنتجة والتي تعتمد على كلمة حلال شعاراً لها، فتذهب إلى تلك البلدان للتأكد من عملية الذبح وأنها تمت وفق الطريقة الإسلامية، وتشرف هذه اللجان بنفسها على عملية الذبح، وإذا ما اكتشف خلاف ذلك فيمكن مقاضاة تلك الشركات لمخالفتها لما التزمت به وهو الذبح الشرعي.
ولخص الدقاق الاهتمام الموسع من الدول الأوروبية حول استيراد الأغذية الحلال، حيث قال: «يرجع ذلك إلى قناعة تلك الدول بطريقة المسلمين في تناول اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية والتي أثبتت البحوث الطبية أفضليتها وخلوها التام من إصابة الإنسان بالأمراض فهي أفضل من الطرق الأخرى في تناول اللحوم، بالإضافة إلى انتشار المسلمين في كل مكان وخاصة الدول الأوروبية منها وإصرارهم على الأكل الحلال».
في ذات السياق، أكد استشاري التغذية الغذائية الدكتور خالد علي مدني، أن للذبح الحلال فوائد عظيمة ومن أهمها أن تصفية الدم من الذبيحة وخروجه منها يطيل من فترة فساد اللحوم، بمعنى أن وجود الدم في الذبيحة يعجل بفسادها لأن الدم سريع الفساد بخلاف اللحم. وشدد الدكتور مدني على ضرورة التقيد بشرع الله والحرص بأن تكون التغذية حلالاً، فيكفي أن نأخذ بكل ما أمرنا به الله على أنه أمر مسلم، فقد لا تكون هناك أبحاث أو دراسات توضح الحكمة من الأمر بعدم الأكل إلا لما هو حلال، ولكن الأكيد أن جميع تلك الأحكام تصب في صحة وسلامة الإنسان. وفي ذات السياق استشعرت الشركات العالمية الموجودة في الدول الإسلامية كالمملكة العربية السعودية بأهمية الأغذية الحلال، حيث قامت شركة أبوت المتخصصة في الأغذية الموجهة للكبار والصغار باعتماد منتجاتها لدى مجلس التغذية الأمريكي الإسلامي للأغذية «IFANCA»، جاء ذلك التزاماً منها تجاه عملائها، مما دفعها لطرق باب الجهات المعتمدة للمنتجات الحلال، وهيأها للحصول على شركة العام في المنتجات الحلال. علماً بأن مجلس التغذية مقر من رابطة العالم الإسلامي في المملكة العربية السعودية. كما التقت الجزيرة بعدد من المواطنين الذين اتفقوا على أهمية الأغذية الحلال خصوصاً عند السفر إلى الدول الأمريكية والأوروبية، مطالبين في ذات الوقت الجهات المسؤولة بإعطاء هذا الموضوع حقه في التوعية والتثقيف.